وقال ابن تيمية -رحمه الله-: "والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله" (?).

والاستعمال الثالث يكثر عند الإطلاق والاستعمال العام، وهو يرادف الوحي كتابًا وسنة، والشريعة بهذا الاعتبار معصومة ومحفوظة، ربانية المصدر، واقعية عالمية.

وفيما يلي بيان خصائص الشريعة بإطلاقها العام:

المطلب الأول: الربانية:

الربانية خصيصة الشريعة الكبرى، فهي من عند الله تعالى وحده أولًا، فلا نقص ولا عيب؛ لأنها {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] فهي مجمع المصالح والمنافع والخيرات؛ لأن مشرعها عليم حكيم، ويجمع فيها ولها كل خير، فتشتمل على كل مصلحة للخلق، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، أنزلها سبحانه بعلمه، وليس له في وضعها من شريك ولا ظهير، ولأجل هذه الخصيصة فإن للشريعة المنزلة الكبرى في عقيدة ووجدان كل مسلم؛ ذلك أنها من عند الله لفظًا ومعنى، أو معنى فحسب؛ وقبولها ومحبتها والرضى بها والامتثال لها هو مقتضى عقد الإيمان والإسلام، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

والتشريع حق خالص لصاحب الشريعة وحده، وهو الله تعالى، قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57]، والرسول إنما هو مبلغ عن الله، قال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54]، والبلاع للبشارة أو النذارة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015