المتنوعة تحاصرها من كل جانب، وهي تجالد في مقاومة مستمرة حفاظًا على الوجود ومنعًا من ذوبان الشخصية في عالم الأكثرية الذي تعيش فيه، فكيف يتسنى للأقلية تعلم العربية وتعليمها للناشئة؟ وبعض الأقليات تفتقد العالِم أو الشيخ أو ما يعرف برجل الدين، ليلقنها مبادئ دينها؛ فكيف بالعربية؟ وعلى افتراض وجود بعض المسلمين المتحدثين بالعربية، فإن إلزام الأطفال تلقنها أمر في غاية الصعوبة.
وبعض الأقليات تعيش في جهل أو تجهيل ضمن سياسة الدولة وظروف حياتهم الزراعية والريفية، كأكثر مسلمي الكتلة الشيوعية والصين، وهم غير ملمين بلغاتهم القومية فكيف بالعربية؟ وبعض الأقليات كالجاليات الجديدة في أستراليا وأوروبا وأمريكا وبعض الدول الأفريقية، غير ممنوعين من استعمال العربية وتعلمها، إلا أن الظروف الحياتية الضاغطة وانعدام التوجيه والتخطيط العام بشأن الجاليات والأقليات في العالم يجعل من العربية لسانًا ثقيلًا على الناشئة، ففي أستراليا -مثلًا- نجد أبناء المسلمين العرب الذين وفدوا إلى أستراليا وهم أطفال أو خلقوا فيها، نجدهم يعانون صعوبات في النطق بالعربية مع محاولة خجولة من آبائهم لتعليمهم إياها ولتدريسهم لها، وبالرغم من محاولات خجولة أيضًا في إيجاد مدارس السبت والأحد الأهلية لتعليم الأطفال العربية ومبادئ الدين، فإن الأجواء العامة في البلد تشد الطفل إلى ترك العربية أو الانسلاخ عنها واللواذ بالإنجليزية؛ فمدارسهم تعلمهم الإنجليزية وكذلك المذياع، حتى الوالدان قد يتكلمان الإنجليزية الأمر الذي يؤدي وسط حركة الحياة إلى ضياع اللسان العربي في الطفولة الجديدة، فيجعل الأجيال القادمة أكثر انسلاخًا من شخصيتهما العربية والدينية، وأكثر التصاقًا بالمجتمع الجديد الذي يحملون جنسيته وهويته ويتكلمون لغته ويأكلون من خيراته.
ويشعر المسلم -مهما ضعفت ثقافته- أن عليه واجبًا أمام أطفال الجيل الجديد، كما يشعر الآباء