ولما كان المسلمون في ظل عهد القياصرة ذاقوا ألوانًا من الظلم والاستعباد، فقد تاقت نفوسهم وانعقدت آمالهم على إقامة دولة إسلامية ذات استقلال ذاتي في ظل الحكم الجديد، ودغدغ البلاشفة عواطفهم ليصلوا إلى مآربهم، وما أن استقرت الثورة وهدأت الأمور حتى أصدر لينين في إبريل (1918 م) أمره بالزحف على البلاد الإسلامية دون سابق إنذار، وجعلت الطائرات تقصف، والدبابات تحصد البلاد وتبيد العباد، ولم يكن بيد المسلمين من الأسلحة المتقدمة ما يعين على التصدي أمام الغزو الروسي الملحد، وكان أول ما بدءوا به قتل القيادات الإسلامية وتصفيتها، وإبادة الزعامات الوطنية بوصفهم جميعًا أعداء الثورة وجواسيس لليابان أو لألمانيا الهتلرية (?).

وكانت الخطوة التالية بفرض الهجرة الإجبارية على المسلمين إلى مجاهل سيبيريا، ونقل الروس إلى أراضيهم حتى يقللوا نسبة المسلمين في مناطقهم، ولا سيما إذا كانت مناطقهم غنية، ذات أهمية سياسية أو استراتيجية (?).

وفي بلغاريا قامت عمليات التهجير الإجباري جنبًا إلى جنب مع التطهير العرقي والتصفية الجسدية؛ الأمر الذي ذكَّر بإجرام الأسبان في حق المسلمين، والأثيوبيين في أريتريا، وأوجادين وشعب بورما في أراكان، وفعل مجرمي الحرب في البوسنة وبلاد البلقان، وما يفعله الصهاينة المعتدون على أرض فلسطين (?).

وإذا نسينا فلا ننسى هذه الهجرة الإجبارية التي فرضت على مسلمي فلسطين، والتي نسج خيوطها "تيودور هيرتزل" حين كتب: "سيكون علينا أن ندفع السكان المفلسين عبر الحدود؛ بتوفير العمالة لهم في البلاد المجاورة مع حرمانهم من أي عمل في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015