بحقوق وحريات تنعدم غالبًا في الدول الإسلامية في واقعنا المعاصر، بل إنها تيسر له التعبد والدعوة ونشر العلم بما لا نظير له في الدول الإسلامية؛ لأن دول الغرب قائمة على العلمانية، وعلى الليبرالية المطلقة، وعلى الحريات العامة التي تقوم الشعوب على حراستها والاستمساك بها، ولا تستطيع الأنظمة المساس بهذه الحريات العامة؛ ومن ثم يكون التجنس في ظل هذه الأوضاع محقِّقًا لكثير من المصالح الإسلامية، فإذا كان التجنس وسيلة لتحقيق هذه المصالح المشروعة فهو إذًا مشروع.
ومن حرَّم التجنس من أهل العلم إنما حرَّمه خوفًا من الذوبان في الشخصية الغربية، أما إذا كانت الجنسية تعطي المتجنسَ قوةً وصلابة وقدرة على المطالبة بالحقوق وإبداء رأيه، والتصويت في الانتخابات لمن يخدم قضيته دون أن يتنازل عن دينه، ويعايش من حوله بالمعروف، ويحسن معاملتهم، كما قال جل وعلا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
فإذا صار الوضع كذلك فلا مانع من التجنس؛ لوجود المصلحة المتحققة التي تربو بكثير على المفسدة المتوقعة (?).
ويقول د. القرضاوي: "المسلم الذي يحتاج للسفر إلى بلاد غير إسلامية تعطيه الجنسيةُ قوةً ومنعةً، فلا يحقُّ للسلطات طرده، ويكون له الحق في الانتخاب، مما يعطي قوةً للمسلمين في هذه البلاد، حيث يخطبُ المرشحون وُدَّهم؛ ولذا فحملُ الجنسية ليس في ذاته شرًّا ولا خيرًا، وإنما يأخذ الحكم حسب ما يترتب على أخذ هذه الجنسية من النفع للمسلمين، أو الإضرار بهم، مثل أخذ الفلسطينيين خاصة الجنسيةَ الإسرائيليةَ،