الأمر الثاني:إذا استحالت هذه المركبات النجسة وانقلبت إلى عين أخرى، فهذه أيضاً نقول بأن الاستحالة تصير الأعيان النجسة إلى أعيان طاهرة تنقلها من العين النجسة إلى العين الطاهرة كما هو مذهب الظاهرية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. مثلاً لو كان عندنا كلب ثم بعد ذلك احترق هذا الكلب وانتقل إلى كونه رماداً ودخاناً فهذا الرماد طاهر، لأن العين النجسة استحالت وانتقلت من عين إلى عين أخرى.
والدليل على أن النجاسة تطهر بالاستحالة: أن العلماء أجمعوا على أن الخمر إذا استحالت بنفسها فإنها تنقلب من عين نجسة عند الجمهور إلى عين طاهرة، ومثل ذلك أيضاً دود الكُنُف , وهذا الدود يخرج من النجاسات ومع ذلك يستحيل إلى حيوان طاهر.
الأمر الثالث: إذا كانت هذه التركيبات لا تزال باقية كدهن الخنزير أو دهن الميتة لا يزال باقياً لم يستحل ولم يستهلك في غيره.
فهل يجوز استعمال مثل هذا الصابون أو مثل هذا المنظف الذي دخل في تركيبه هذه النجاسة التي لا تزال باقية فيه؟
هذا موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله في حكم استعمال النجاسة على وجه لا يتعدى , فيه رأيان لأهل العلم:
الرأي الأول: أن استعمال مثل هذا الصابون غير جائز, وهو رأي أكثر العلماء.
دليلهم:
أن الشارع أمر بالتوقي من النجاسات ,وأمر بالاستنجاء والاستجمار.
الرأي الثاني: أن استعمال مثل هذا الصابون جائز للحاجة، إذا كان على وجه لا يتعدى، يعني إذا كان لا يستعمل في الصلاة ولا في الأكل والشرب …الخ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
دليله:
حديث جابر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال لا هو حرام. (متفق عليه)