للعذاب كما قال عزّ من قائل: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} 1 وقال عزّ وجلَّ: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} 2 وقال تعالى: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} 3.

الفصل والثمانون: في اقتصارهم على بعض الشيء وهم يريدون كله.

ذلك من سنن العرب في قولهم: قَعَدَعلى ظهر راحلته وقول الشاعر: [من الكامل]

الواطِئينَ على صُدورِ نِعالِهِمْ.

وقول لبيد: [من الكامل]

تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يَرْتَبِطْ بَعْضَ النفوسِ حِمامُها.

أراد: كلَّ النفوس وفي القرآن: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} 4 و "من" هذه للتبعيض والمراد: يَغُضُّوا أبصارهم كلَّها. وقال عزَّ ذكره: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} 5 وقال الشاعر:

امَّا أتى خَبَرُ الزُّبَيرِ تَواضَعَتْ ... سُورُ المَدينةِ والجِبالُ الخُشَّعُ.

يعني أسوار المدينة.

الفصل الحادي والثمانون: في الاثنين يُعبَّر عنهما مرَّة وبأحدهما مرَّة.

قال الفرَّاء: تقول العرب: رأيتُ بِعَيني ورأيتُ بِعَينَيَّ والدّارُ في يَدِي وفي يَدَيَّ. وكلُّ اثنين لا يكاد أحدهما ينفرد فهو على هذا المثال كاليدين والرجلين. قال الفرزدق: [من الوافر]

ولو بَخِلَتْ بهِ وَضَنَّتْ ... لَكان عَلَيَّ لِلقَدَرِ الخِيارُ.

فقال "ضنَّت" بعد قوله يدايَ. وقال الآخر: [من الكامل]

وكأنَّ في العَينَينِ حَبَّ قَرَنْفُل ... أو سُنْبُلاً كُحِلَتْ به فانهلَّتِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015