الجواب: نعم ينطبق على الأضحية ما ينطبق على الهدي؛ لأن الأضحية المشروع أن تكون في مكان المضحي؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذبح أضحيته في بلده، وبين أصحابه، حيث كان يخرج بها إلى المصلى فيذبحها هناك؛ إظهار لشعائر الله عز وجل، والدعوة إلى أن تؤخذ الدراهم من الناس، وتذبح الضحايا في أماكن بعيدة دعوة إلى تحطيم هذه الشعيرة وخفائها على المسلمين؛ لأن الناس إذا نقلوا ضحاياهم إلى أماكن أخرى لم تظهر الشعائر ـ الأضاحي ـ في البلاد، وأظلمت البلاد من الأضاحي، مع أنها من شعائر الله عز وجل.
ويفوت بذلك:
أولا: مباشرة المضحي لذبح أضحيته بنفسه؛ فإن هذا هو الأفضل، والسنة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان يذبح أضحيته بيده عليه الصلاة والسلام.
ثانيا: يفوت بذلك سنية الأكل منها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأكل من الأضاحي، كما أمر الله بذلك في قوله: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج: 28) ؛ فإن هذا أمر بالأكل من كل ذبيحة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل، ولما أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة ذبح منها ثلاثاً وستين بيده الكريمة، وأعطى عليا رضي الله عنه الباقي فوكله في ذبحه، ووكله أيضا في تفريق اللحم، إلا أنه أمر أن يؤخذ من كل بدنة بضعة ـ أي: قطعة من لحم ـ فجعلت في قدر، فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها (?) ؛ وهذا يدل على تأكد أكل الإنسان مما أهداه من الذبائح، وكذلك مما ضحى به.
نحن نقول: إنه لا يجوز التوكيل، أن يوكل الإنسان من يذبح أضحيته، لكن لابد أن تكون الأضحية عنده وفي بيته أو في بلده على الأقل، يشاهدها ويأكل منها، وتظهر بها شعائر الدين.
وليعلم أنه ليس المقصود من الأضاحي المادة البحته وهي اللحم فإن الله تعالى يقول: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) (الحج: 37) ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن ذبح قبل الصلاة: ((فإنما هو لحم قدمه لأهله)) (?) ، وقال لأبي بردة: ((شاتك شاة لحم)) (?) ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الأضحية وبين اللحم.
وأيضا: فإن العلماء يقولون: لو تصدق بلحم مائة بعير، فإنه لا يجزئه عن شاة واحدة يضحي بها؛ وهذا يدل على أن الأضحية يتقرب إلى الله تعالى بذبحها، قبل أن ينظر إلى منفعة لحمها.
نصائح تتعلق بالهدي