السؤال (25) : فضيلة الشيخ، كيف يكون الإيمان بالركن الخامس وهو اليوم الآخر؟

الجواب: الإيمان باليوم الآخر يعني الإيمان بقيام الساعة، وسمي يوماً آخر، لأنه ليس بعده يوم، فإن الإنسان كان عدماً، ثم وجد في بطن أمه، ثم وجد في الدنيا، ثم ينتقل إلى البرزخ، ثم يوم القيامة، فهذه أحوال خمس للإنسان، (هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (الإنسان: 1) ، هذه الحال الأولى أنه ليس شيئاً مذكوراً، ثم وجد في بطن أمه، ثم خرج (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئا) (النحل: 78) ، ثم يكدح في هذه الدنيا ويعمل، ثم ينتقل إلى الآخرة في برزخ بين الدنيا وقيام الساعة، فالإيمان باليوم الآخر يدخل فيه- كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية - الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فيؤمن الإنسان بفتنة القبر، ونعيم القبر وعذابه، ويؤمن بقيام الساعة، بالنفخ في الصور، بالحساب، بالميزان، بالحوض المورود، بكل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، إما في كتاب الله، أو في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، مما يكون بعد الموت.

ويحسن أن نتكلم عن فتنة القبر، وهي أن الميت إذا دفن أتاه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فأما المؤمن فيثبته الله تعالى بالقول الثابت، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد، وأما غير المؤمن فإنه يقول: هاه هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، ثم بعد هذه الفتنة إما نعيم وإما عذاب إلى يوم القيامة، فمن كان من غير المسلمين، فهو في عذاب إلى يوم القيامة، ومن كان من عصاة المؤمنين، فإنه قد يعذب في قبره لمدة يعلمها الله عز وجل، ثم يرفع عنه العذاب، وهذا العذاب أو النعيم يكون في الأصل على الروح، ولكن قد يتألم البدن به، كما أن العذاب في الدنيا يكون على البدن، وقد تتألم النفس فيه ففي الدنيا مثلاً الضرب يقع على البدن، والألم يقع على البدن، والنفس قد تتأثر بذلك، فتحزن وتغتم، أما في القبر فالأمر بالعكس، العذاب أو النعيم يكون على الروح، لكن البدن لا شك أنه يحصل له شيء من هذا العذاب أو النعيم، إما بالفرح بالنعيم، وإما بالألم بالحزن بسبب العذاب.

أما إذا قامت الساعة، وهي القيامة الكبرى فإن الناس يقومون من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلاً، حفاة: ليس عليهم ما يقي أقدامهم من نعال أو خفاف أو غيرها. عراة: ليس على أبدانهم ما يكسوها. غرلاً: أي غير مختونين، فتعود الجلدة التي قطعت في الختان في الدنيا، ليخرج الإنسان من قبره تاماً لا نقص فيه، كما قال الله تعالى: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (الأنبياء: 104) ، ثم يكون الحساب على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم النهاية إما إلى جنة وإما إلى نار، فمن دخل الجنة فهو مخلد فيها أبد الآبدين، ومن دخل النار فإن كان من العصاة، فإنه يخرج منها بعد أن يعذب بما يستحق، إن لم تنله الشفاعة أو رحمة الله عز وجل، ولكنه لا يخلد فيها، وأما الكافر فإنه يخلد فيها أبد الآبدين.

الإيمان بالقدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015