الجواب: أولاً: أريد أن أعلق على قولك أنهم عقلاء، فإن أردت بالعقل عقل إدراك فنعم هم عقلاء يدركون ويفهمون، وإن أردت بذلك عقل الرشد، فليسوا بعقلاء، ولهذا وصف الله الكفار بأهم صم بكم عمي فهم لا يعلقون، لكنهم عقلاء عقل إدراك، تقوم به الحجة عليهم، وهم إذا قالوا ذلك، فإنما يقولون هذا مكابرة في الواقع، وإلا فهم يعلمون أن الباب المنصوب لا يمكن أن يصنع نفسه، ولا يمكن أن ينصب نفسه، يعرفون أن هذا الباب لابد له من نجار، أو حداد أقامه، ولابد له من بناء ركبه، بل يعلمون أن الطعام الذي يأكلونه، والماء الذي يشربونه، لابد له من مستخرج، ولابد له من زارع، وهم يعلمون أيضاً أنه ليس بإمكان أي أحد من الناس أن يكون هذا الزرع، أو ينبت هذه الحبة، حتى تكون زرعاً له ساق وثمر.
فهم يعلمون ذلك، ويعلمون أن هذا ليس مما يقدر عليه البشر، ولكنهم يكابرون، والمكابر لا فائدة من محاجته، ولا يمكن أن يقبل أبداً مهما كان، لو تقول له: هذه الشمس وهي أمامه ما قبل، فمثل هؤلاء تكون المجادلة معهم مضيعة وقت، وتكون دعوتهم كما قال بعض أهل العلم بالمجالدة لا بالمجادلة.
الإيمان وأركانه