الجواب: صلاة الجماعة اتفق العلماء على أنها من أجل الطاعات وأوكدها وأفضلها، وقد أشار الله تعالى إليها في كتابه وأمر بها حتى في صلاة الخوف، فقال الله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) (النساء: 102) .
وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث العدد الكثير الدال على وجوب الصلاة مع الجماعة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" (?) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم: " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر" (?) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الأعمى الذي طلب منه أن يرخص له في الصلاة في بيته: "أتسمع النداء؟ " فقال: نعم قال: " فأجب" (?) . وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - أي عن صلاة الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق، أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (?) . والنظر الصحيح يقتضي وجوبها، فإن الأمة الإسلامية أمة واحدة، ولا يتحقق كمال الوحدة إلا بكونها تجتمع على عباداتها، وأجل العبادات وأفضلها وأوكدها: الصلاة، فكان من الواجب على الأمة الإسلامية أن تجتمع على هذه الصلاة.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله بعد اتفاقهم على أنها من أوكد العبادات وأجل الطاعات، اختلفوا: هل هي شرط لصحة الصلاة، أو أن الصلاة تصح بدونها مع الإثم، مع خلافات أخرى، والصحيح أنها واجب للصلاة، وليست شرطاً في صحتها، لكن من تركها فهو آثم، إلا أن يكون له عذر شرعي، ودليل كونها ليست شرطاً لصحة الصلاة هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وتفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ يدل على أن في صلاة الفذ فضلاً، وذلك لا يكون إلا إذا كانت صحيحة.
وعلى كل حال فيجب على كل مسلم ذكر بالغ أن يشهد صلاة الجماعة، سواء كان ذلك في السفر أم في الحضر.
علاقة المأموم بإمامه