الجواب: صفة الصلاة التي ذكرناها آنفاً تشتمل على أركان الصلاة وواجباتها وسننها، وأهل العلم رحمهم الله ذكروا أن ما يقع في هذه الصلاة، أو أن ما يكون من هذه الصفة ينقسم إلى أركان وواجبات وسنن، على اتفاق فيما بينهم في بعض الأركان والواجبات، وخلاف فيما بينهم في بعضها، فنذكر مثلاً من الأركان:
الأول: القيام مع القدرة: وهذا ركن في الفرض خاصة، لقوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة: 238) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين: " صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" (?) .
الثاني من الأركان: تكبيرة الإحرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر" (?) . ولابد أن يقول: الله أكبر، فلا يجزئ أن يقول: الله أجل، أو الله أعظم، وما أشبه ذلك. وينبغي أن يعلم أنه لا يصح أن يقول: الله أكبر بمد الهمزة، لأنها تنقلب حينئذ استفهاماً، ولا أن يقول: الله أكبار بمد الباء، لأنها حينئذ تكون جمعاً للكبر، والكَبَر هو الطبل، فأكبار كأسباب جمع سبب، وأكبار جمع كبر، هكذا قال أهل العلم فلا يجوز أن يمد الإنسان الباء، لأنها تنقلب بلفظها إلى جمع كبر، وأما ما يقوله بعض الناس: الله وكبر فيجعل الهمزة واواً، فهذا له مساغ في اللغة العربية، فلا تبطل به الصلاة.
الركن الثالث: قراءة الفاتحة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (?) ، ولكن إذا كان لا يعرفها فإنه يلزمه أن يتعلمها، فإن لم يتمكن من تعلمها، قرأ ما يقوم مقامها من القرآن إن كان يعلمه، وإلا سبح وحمد الله وهلّل.
الركن الرابع: الركوع: لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) (الحج: 77) ، ولقول البني صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أساء في صلاته ولم يصلها على وجه التمام: " ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" *.
الركن الخامس: الرفع من الركوع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم ارفع حتى تطمئن قائماً" (?) .
الركن السادس: السجود، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) (الحج: من الآية77) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً (?) .
الركن السابع: الجلوس بين السجدتين، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثم ارفع حتى تطمئن جالساً (?) .
الركن الثامن: السجود الثاني، لأنه لابد في كل ركعة من سجودين لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً" (?) بعد أن ذكر قوله: " ثم ارفع حتى تطمئن جالساً".
أما الركن التاسع: فهو التشهد الأخير، لقول ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نقوم قبل أن يفرض علينا التشهد، فدل هذا على أن التشهد فرض.
الركن العاشر: وهو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، هذا المشهور من مذهب الإمام أحمد.
الركن الحادي عشر: الترتيب بين الأركان: القيام، ثم الركوع، ثم الرفع منه، ثم السجود، ثم الجلوس بين السجدتين، ثم السجود، فلو بدأ بالسجود قبل الركوع لم تصح صلاته، لأنه أخل بالترتيب.
الثالث عشر: الطمأنينة في الأركان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم اركع حتى تطمئن"، ثم ارفع حتى تطمئن "، "ثم اسجد حتى تطمئن".
والطمأنينة: أن يسكن الإنسان في الركن حتى يرجع كل فقال إلى موضعه، قال العلماء: وهي السكون وإن قل، فمن لم يطمئن في صلاته فلا صلاة له ولو صلى ألف مرة.
وبهذا نعرف خطأ ما نشاهده من كثير من المصلين من كونهم لا يطمئنون ولا سيما في القيام بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، فإنك تراهم قبل أن يعتدل الإنسان قائماً إذا هو ساجد وقبل أن يعتدل جالساً إذا هو ساجد، وهذا خطأ عظيم، فلو صلى الإنسان على هذا الوصف ألف صلاة لم تقبل منه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي كان يخل بالطمأنينة، فجاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع فصل فإن لم تصل" (?) ، وهذا يدل على أن من صلى صلاة أخل فيها بشيء من أركانها أو واجباتها على وجه أعم، فإنه لا صلاة له، بل ولو كان جاهلاً في مسألة الأركان، فإنه لا صلاة له.
والركن الأخير وهو الرابع عشر: التسليم، بأن يقول في منتهى صلاته: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، والصحيح أن التسليمتين كلتاهما ركن، وأنه لا يجوز أن يخل بواحدة منهما، لا في الفرض ولا في النفل، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الركن التسليمة الأولى فقط في الفرض والنافلة، وذهب آخرون إلى أن الركن التسليمة الأولى فقط في النافلة دون الفريضة، فلابد فيها من التسليمتين، لكن الأحوط أن يسلم الإنسان التسليمتين كلتيهما، هذه هي الأركان.
حكم من ترك ركنا من أركان الصلاة