- كان رضي الله عنه كثير العبادة، فكان يقسم الليل إلى ثلاثة أقسام: ثلث للعلم، وثلث للنوم، وثلث للعبادة. وكان يقف بين يدي ربه فيصلي ويقرأ، وعيناه تفيضان بدمع غزير خشية التقصير. وقد كان رضي الله عنه يرى نفسه - لشدة تواضعه - من أهل المعاصي، وفي ذلك يقول:
أحب الصالحين ولست منهم * لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من بضاعته المعاصي * وإن كنا جميعا في البضاعة
يقول هذا وهو الذي يصفونه بأنه " لم تعرف له صبوة"
وقد اختص الله تعالى عالمنا بالعناية، فكان له صوت عميق التأثير، يخرج من قلب منير زادته العبادة المتواصلة، والمحبة الشديدة نورا وتأثيراً وسحراً وكان مولعاً بالقرآن وصحبته، فكان يختم في كل نهار وليلة ختمة، وفي رمضان كان يختم كل نهار ختمة وكل ليلة ختمة. وكان إذا قرأ القرآن بكى وأبكى سامعيه، روى أحد معاصريه: "كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي نقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى تتساقط الناس بين يديه، ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة وكان رضي الله عنه مستقيما على الشرع إلى أقصى الحدود وكان كريما ذا مروءة وخلق رفيع، شأنه شأن آل البيت، سخياً يقبل على الفقراء ويعطي عطاء من لا يخاف عيلة، وفي هذا تروى الأعاجيب عنه. ومن أقواله: "للمروءة أربعة أركان: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك". ومما تميز به شدة حيائه وخجله، حتى نقل عنه أنه كان يحمر وجهه حياء إذا سئل ما ليس عنده.