قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: في قضاء رمضان.
ومن فاته رمضان قضى عدد أيامه] قال جل وعلا: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] فمن أفطر من رمضان يوماً أو يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك أو أفطر الشهر كله لعذر يبيح الفطر، وتقدم ذكر الأعذار التي تبيح الفطر، فمن ذلك المرض، فإذا كان قد أفطر لمرض يرجى برؤه، أفطر من رمضان -مثلاً- عشرة أيام، أو أفطرت المرأة للحيض ستة أيام أو سبعة أيام مثلاً؛ فالواجب القضاء، قال جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة:184] أي: فأفطر {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] يعني: عليه قضاء عدة من أيام أخر، وكان فيما أنزل من القرآن ((فعدة من أيام أخر متتابعات)) كما في الدارقطني من حديث عائشة قالت: ثم نُسخ ذلك ((فعدة من أيام أخر متتابعات)) ولذا قال ابن عباس -كما في البخاري معلقاً-: لا بأس أن يفرّق، وهذا هو إطلاق الآية الكريمة؛ لأن قوله (متتابعات) نسخ، وعلى ذلك فلو قضى متتابعاً أو متفرقاً فلا بأس بذلك، عليه عشرة أيام من رمضان فصام من كل أسبوع يوماً حتى قضى ما عليه لا حرج، أو صامها متتابعة لا حرج، والأفضل أن يتابعها، كما أن الأفضل أن يبادر بالصيام بعد يوم العيد، هذا هو الأفضل؛ وذلك لأن في ذلك إبراء ذمته، وعلى ذلك فيجب القضاء وتستحب المبادرة به ويستحب أن يكون متتابعاً، فإن لم يتابع أو لم يبادر فلا بأس، ولذا قالت عائشة رضي الله عنها -كما في الصحيحين-: (كان يكون عليّ الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان لمكان النبي عليه الصلاة والسلام مني) فتأخير القضاء إلى شعبان جائز، وعلى ذلك فالقضاء واجب، ولا بأس أن يفرق ولا بأس أن يؤخر ما لم يأت رمضان الجديد، كالصلاة الظهر يُستحب أن تصليها في أول وقتها، لكن لو أخّرتها ما لم يحضر العصر لا بأس، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحضر العصر) فما دام أن رمضان الآخر لم يحضر فلك أن تقضي.