قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الأضحية: وهي] أي: الأضحية [سنة مؤكدة] هذا هو قول الجمهور، فقد (ضحى النبي عليه الصلاة والسلام بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر)، والحديث متفق عليه.
وثبت في البيهقي بإسناد صحيح أن أبا بكر وعمر لم يضحيا خشية أن يرى ذلك واجباً.
وأما حديث: (من وجد سعة فلم يضح فليس منا) فهو حديث لا يصح رفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، والصواب أنه من قول أبي هريرة رضي الله عنه، وعلى ذلك فالصحيح أنها سنة مؤكدة.
قال: [وتجب بالنذر]، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، فهناك أمور تجب بالنذر هي في الأصل سنة، لكن إن نذر فقال: لله علي أن أضحي هذه السنة، وجبت عليه الأضحية؛ لأن ذلك نذر.
قال: [وبقوله: هذه أضحية أو لله] لأن هذا تعيين للأضحية.
رجل ذهب إلى السوق فاشترى شاة قبل العيد بيومين أو ثلاثة، وقال لأهله: هذه أضحيتي، وجبت، لكن لو اشتراها في السوق ونوى أنها أضحية ولم يتلفظ بقوله: هذه أضحية لم تجب.
إذاً: لا تجب إلا بالتعيين بلفظه.
وكذلك الفعل مع النية، فإذا قلد الهدي أو قلد الأضحية -وبعض الناس يخضبها ونحو ذلك- فإذا فعل ذلك فهذا فعل مع النية يقتضي التعيين فتجب.
لا نقول: إنه يجب أن يضحي، وإنما نقول: يجب أن يضحي بهذه الأضحية، فلو ماتت قبل يوم العيد لم يجب عليه أن يضحي، إنما يجب أن يضحي بها إذا بقيت.
إذاً: لو ماتت بلا تعد منه ولا تفريط، فلا نقول له: يجب أن تضحي هذه السنة بأن تشتري من السوق، لكن نقول: هذه التي عينتها يجب أن تضحي بها، فإذا تعديت عليها وفرطت فيجب عليك أن تشتري أضحية مثلها، كما لو تركها في مكان وأهملها ولم يعلفها فماتت قبل يوم أو يومين من العيد فإنه يشتري أضحية مكانها.