ثم قال: [والإحصار] وهو المنع من إتمام المناسك، قال الله جل وعلا: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196].
فإذا منع من الوصول إلى مكة لإتمام نسكه في عمرة أو حج فالواجب أن يذبح هدياً، وهل هذا على التخيير بينه وبين غيره؟
صلى الله عليه وسلم لا.
هذا على الترتيب.
قال: [والوطء ونحوه]، فمن جامع قبل التحلل الأول فعليه دم، ومن جامع بعد التحلل الأول فعليه دم؛ لكن الدم الذي قبل التحلل الأول في الحج هو بدنة وفي العمرة شاة، أما إذا جامع بعد التحلل الثاني فلا شيء عليه.
قوله: [ونحوه].
المراد بنحوه هنا المباشرة بإنزال.
قال: إن عليه بدنة، والراجح: أن عليه فدية الأذى، أي: فيخير بين الأشياء الثلاثة في الفدية: بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، هذا فيمن باشر وأنزل أو لم ينزل على الصحيح؛ لأن هذا محظور فيقاس على غيره من محظورات الإحرام وليس كالجماع؛ لأنه دونه، فقياسه على الجماع قياس مع الفارق؛ لأن الجماع يفسد الحج، أما المباشرة فإنها لا تفسد الحج.
قال: [فيجب على متمتع وقارن وتارك واجب دم، فإن عدمه أو ثمنه] أي: أن من وجب عليه هدي وهو متمتع، أو وجب عليه هدي وهو قارن، أو وجب عليه دم لتركه الواجب.
(فإن عدمه) أي: فلم يجد دماً أو لم يجد ثمنه فالواجب عليه كما قال: [صام ثلاثة أيام في الحج، والأفضل كون آخرها يوم عرفة فيصوم اليوم السابع والثامن والتاسع]، صح ذلك عن علي وابن عمر كما في مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة.
وله الصيام من إحرامه بالعمرة، فلو أحرم بالعمرة في ليلة إهلال ذي الحجة وهي الليلة الأولى منه فله أن يصوم اليوم الأول.
بعض الناس يقول: أحب أن آخذ العمرة وأجلس هناك في مكة لأصوم لأني لا أستطيع الهدي فيذهب ويمكث في مكة، فإذاً بعد إهلاله بالعمرة له أن يصوم فيصوم ثلاثة أيام في الحج، ويصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله ولو صامها في مكة فلا بأس لكن له أن يؤخرها -فهي رخصة- حتى يرجع إلى أهله.
قال: [وتصح أيام التشريق]، لو لم يصم اليوم السابع والثامن والتاسع، صام أيام التشريق فيصح ذلك، ولذا جاء في البخاري عن ابن عمر وعائشة: (أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي).