قال: [وفي جميع المحظورات فدية إلا قتل القمل].
تقدم أن قتل القمل -على القول بأنه لا يجوز للمحرم- لا فدية فيه.
وأما عقد النكاح فإذا عقد المحرم فقد قلنا: إن نكاحه يبطل وليس عليه فدية، ولذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر الفدية، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، قال: (لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب) ولم يذكر فدية عليه الصلاة والسلام.
قال: [وفي البيض والجراد قيمته مكانه].
إذا أفسد بيض صيد ثم سأل أهل الخبرة: ما قيمة هذا البيض؟ قالوا: قيمته مثلاً مائة ريال.
نقول: تصدق بثمنها بأن تشتري طعاماً وتتصدق به على مساكين الحرم، كذلك إذا قتل جراداً فإننا ننظر إلى القيمة ويتصدق بها.
قال: [وفي الشعرة أو الظفر إطعام مسكين وفي اثنين إطعام اثنين].
إذا أخذ شعرة واحدة فعليه إطعام مسكين، وإذا أخذ شعرتين فعليه إطعام مسكينين، وإذا أخذ ظفراً واحداً فعليه إطعام مسكين واحد، وإذا أخذ ظفرين فعليه إطعام مسكينين.
وإذا أخذ ثلاث شعرات أو ثلاثة أظفار فهذا جمع، فعليه الفدية: إما إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام.
هذا هو المشهور في مذهب أحمد؛ قالوا: لأن ما ثبت الضمان بجملته ثبت الضمان في أبعاضه، الضمان يثبت في الجمع وهو ثلاث فيثبت في الأبعاض، قالوا: فنظرنا في الشرع فوجدنا أن أقل فدية هي إطعام مسكين في قوله تعالى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] فقلنا بذلك، وهذا ظاهر.
وعلى ذلك فمن أخذ شعرة فعليه إطعام مسكين، وإن أخذ شعرتين فعليه إطعام مسكينين.
قال: [والضرورة تبيح للمحرم المحظورات ويفدي]، فإذا اضطر المحرم إلى فعل المحظور فعله وفدى.
إذا احتاج الرجل أن يغطي رأسه وهو محرم أو اضطر إلى ذلك غطى رأسه وعليه الفدية.
بعض النساء تقول: إنها مثلاً تحتاج إلى النقاب وتقول: لأنها تخشى على نفسها السقوط مع زحام الناس فتلبس النقاب وتكشف شيئاً من عينيها لتنظر لحاجتها إلى ذلك، فنقول: لا حرج عليها في ذلك ما دام أنها تحتاج وعليها الفدية، بأن تصوم ثلاثة أيام أو تطعم ستة مساكين أو تذبح شاة.
ونقف عند هذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.