قال: [الثالث: قصد شم الطيب].
الطيب: هو ما تطيب رائحته ويتخذ للشم في العرف، أما ما طابت رائحته ولم يتخذ طيباً وإنما يؤكل كالتفاح أو النعناع أو نحو ذلك فإن هذا لا شيء فيه، ولذا لا يمنع عن القيثوم وعن الشيح وعن أكل التفاح ونحو ذلك كما هو المشهور في مذهب أحمد وغيره، إنما يمنع عما يتخذ طيباً.
لكن إذا استخلص من الفاكهة طيباً منع منه المحرم؛ لأنه قد اتخذ طيباً.
ومما يدل على المنع للمحرم عن الطيب ما ثبت في قصة الرجل الذي وقصته راحلته فمات وكان محرماً، فقال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين: (ولا تحنطوه) والحنوط: أخلاط من الطيب، وفي رواية: (ولا تمسوه طيباً).
وقال: (ولا يلبس ثوباً مسه ورس أو زعفران) والزعفران مما يتخذ طيباً وكذلك الورس.
وهذا المحظور تشترك فيه المرأة والرجل.
قال هنا: (قصد شم الطيب إلا لحاجة)، أي: إلا لحاجة شراء فليس له أن يفتح زجاجة الطيب ويشم هذا الطيب، وليس له أن يتبخر؛ لأن المقصود من الطيب شمه فليس له أن يشمه، إلا أن يكون بغير قصد كأن يدخل في مكان فيه طيب فلا شيء عليه، وأما إذا قصد ذلك فإن ذلك محظور من محظورات الإحرام.
قال: [ومس ما يعلق] يعني: ما يعلق باليد، فليس له أن يمس الطيب السائل الذي يعلق باليد، أما إذا كان يابساً مثل الخشب الذي يتبخر به فمسه بيده فلا شيء عليه؛ لأنه لا يعلق باليد، لكن لو أن هذا الخشب دهن بطيب -كما يفعله بعض الباعة- فإنه إذا مسه انتقل هذا إلى يده وعلق بيده؛ فهذا محظور.
قال: [واستعماله في أكل أو شرب بحيث يظهر طعمه أو ريحه] كالقهوة إذا طبخت بالزعفران -والزعفران من الطيب- فظهرت الرائحة أو ظهر الطعم، أما الرائحة فواضح؛ لأن الطيب تقصد منه رائحته وأما الطعم فلأن وجود الطعم يستلزم الرائحة.
أما إذا وجد اللون فقط كما لو طبخ طبخاً كثيراً حتى إنه لم يبق إلا لونه كما يكون هذا في الأرز إذا طبخ فيه شيء من الزعفران فأصبح لونه أصفر لكن لا طعم للزعفران ولا رائحة؛ فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا شيء فيه، لأن اللون لا يؤثر، والذي يؤثر هو وجود الطعم أو وجود الرائحة.