قال: [والقران هو أن يحرم بالحج والعمرة معاً] يعني: مرة واحدة، فيقول: لبيك عمرة وحجاً، أو يقول: لبيك عمرة في حجة، أي أنه جمع بين العمرة والحج.
قال: [أو يحرم بالعمرة ثم يدخل الحج عليها] أي: يحرم أولاً بالعمرة فيقول: لبيك عمرة، ثم بعد ذلك يدخل عليها الحج فيقول: لبيك حجاً، فهذا قارن.
إذاً: القران أن ينوي في الميقات النسكين معاً، أو ينوي العمرة أولاً ثم يدخل عليها الحج، وقد يحتاج لذلك كالمرأة التي تحيض ولم تطف طواف العمرة وكذلك لو أحرموا بالعمرة ثم حصل -مثلاً- عطل في السيارة فتأخروا، أو حاضت المرأة في الطريق فخافت أن يفوت عليها الحج، يعني لو ذهبت وطافت بالبيت وسعت وقصرت ثم ذهبت لتدرك الوقوف بعرفة فقد يفوتها الحج إذا انتظرت حتى تطهر، لأنها قد لا تطهر إلا في اليوم التاسع، فإذا بقيت تنتظر الطواف والتحلل من العمرة فقد لا تدرك الوقوف.
أو تخشى ألا تطهر إلا في يوم النحر أو في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وكذلك من يحصل له عطل في سيارته فيخشى إن ذهب إلى مكة وتحلل بالعمرة أن يفوته الوقوف بعرفة، فهؤلاء ينتقلون من التمتع إلى القران فيدخلون على عمرتهم الحج، وقد فعلته عائشة رضي الله عنها كما ثبت هذا في صحيح مسلم وغيره.
قال: [أو يحرم بالعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها]، فإن أدخل الحج على العمرة بعد الشروع في الطواف لم يكن له ذلك؛ وذلك لأنه لما شرع في طواف العمرة يكون قد دخل في أنساك العمرة فوجب عليه أن يتم هذا النسك ثم بعد فراغه منه يحرم بالحج.
وعلى ذلك فله أن يدخل الحج على العمرة فيكون قارناً قبل الشروع بالطواف، أما إذا شرع بالطواف فيجب عليه أن يتم أنساك العمرة ثم بعد ذلك ينوي الحج فيكون متمتعاً.
لكن المرأة لو شرعت في الطواف ثم طرأ عليها الحيض أثناء الطواف بطل طوافها، فإذا خافت أن تستمر أيام عادتها حتى يفوت الوقوف بعرفة قبل أن تطهر وتطوف للعمرة فهذه تحرم بالحج وتكون قارنة.
قال: [فإن أحرم به ثم بها لم يصح].
هذا إدخال الأصغر على الأكبر، يعني: أدخل أصغر النسكين على أكبرهما، ففي المسألة الأولى أدخل الأكبر على الأصغر، كان معتمراً ثم نوى الحج، وقد قلنا: إن ذلك جائز؛ لكن العكس هنا، فهو قد نوى الحج مفرداً ثم أراد أن ينتقل إلى القران فأدخل العمرة، فهذا لا يجزئ في المشهور في المذهب.
وقال الأحناف: بل يجزئ، وهذا أقرب؛ لأنه لا دليل يدل على المنع من ذلك، وليس فيه محظور.