قال رحمه الله تعالى: [ومن دخل في تطوع لم يجب إتمامه] صام هذا اليوم؛ لأنه يوم الإثنين أو صام يوم الخميس وبدا له أن يُفطر في أثناء النهار، هل عليه حرج؟ لا، صام يوم عرفة فبدا له أن يُفطر، هل عليه حرج؟ وكذا يوم عاشوراء وأيام البيض وكل تطوع له أن يُفطر في أثنائه، ويدل على ذلك ما رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر) فالمتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر، وفي سنن الترمذي (أن النبي عليه الصلاة والسلام أُتي بشراب فشرب فناوله أم هانئ رضي الله تعالى عنها فشربت ثم قالت: يا رسول الله! إني أذنبت فاستغفر لي.
قال: وما ذاك؟ قالت: كنت صائمة فأفطرت) يعني: كانت قبل أن يناولها النبي صلى الله عليه وسلم صائمة فلما ناولها النبي صلى الله عليه وسلم أخذت هذا الإناء وشربت استحياء منها أو تبركاً (فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قالت: كنت صائمة فأفطرت.
قال: أمن قضاء كنت تقضينه؟ قالت: لا) قال لها: هل هذا اليوم يوم قضاء؟ قالت: لا (قال: فلا يضركِ) هذا فيه فائدتان: الفائدة الأولى أن المتطوع لا حرج عليه أن يُفطر، وفيه فائدة أخرى من مفهومه: وهي أن من يصوم صيام قضاء يضره الفطر، ولذا قال: (أمن قضاء كنت تقضينه؟ قالت: لا.
قال: فلا يضركِ) وعلى ذلك فهل له أن يُفطر في القضاء، وفي صيام النذر الواجب، وفي صيام الكفارة؟ عليه كفارة صيام ثلاثة أيام متتابعة مثلاً في كفارة اليمين، هل له أن يُفطر؟ لا، إن أفطر أثم وعليه الاستغفار، ولذا قال رحمه الله: [وفي فرض يجب] يعني: يجب الإتمام في الفرض.
وما هو النفل الذي من دخل فيه وجب عليه أن يتمه؟ هناك عبادة من دخلها وجب أن يتمها وهي تطوع في الأصل، ولكن من دخل فيها وجب أن يتمها، وهي الحج والعمرة {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] هذا إنسان يقول: أنا حججت فرضي، فدخل بنية حج تطوع، فهل له أن يقطع ويرجع؟ لا، وعمرة التطوع هل له أن يقطعها؟ لا، أما سائر العبادات كالصلاة والصوم فله أن يقطعها.
إذاً: من دخل في تطوع فله أن يقطعه سوى الحج والعمرة.