زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل (بلدح) - وذلك قبل أن ينزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم- فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إنّي لا اكل مما تذبحون (?) على أنصابكم، ولا اكل إلا ممّا ذكر اسم الله عليه، وكان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء ماء، وأنبت لها من الأرض الكلأ، وأنتم تذبحونها على غير اسم الله- إنكارا لذلك.

وفي رواية: أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود، فسأله عن دينهم، وقال: لعلّي أن أدين دينكم! فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله!! قال زيد: ما أفرّ إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، وأنا أستطيعه!! فهل تدلّني على غيره؟ فقال: ما أعلمه إلا أن تكون حنيفا، قال زيد: وما الحنيف؟

قال: دين إبراهيم عليه السّلام؛ لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله، فخرج زيد، فلقي عالما من النصارى، فذكر له مثل ذلك، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله! قال: ما أفرّ إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله شيئا أبدا وأنا أستطيع!! .. فهل تدلّني على غيره؟ فقال: لا أعلمه إلا أن تكون حنيفا. قال: وما الحنيف؟ فقال: دين إبراهيم عليه السّلام، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قوله في إبراهيم عليه السّلام خرج، فلما برز رفع يديه، وقال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم عليه السّلام..

وهذا الحديث يبيّن مقدار الحيرة التي سادت الدنيا، وغطّت بضبابها الكثيف على الأديان الظاهرة؛ اليهود يشعرون بأنّهم مطاردون في الأرض، منبوذون من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015