ولا شكّ أنّ القدر حاطه بما يحفظ عليه هذا الاتجاه الفذّ؛ فعند ما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متاع الدنيا- وذلك من قبيل الصغائر التافهة- تتدخّل العناية للحيلولة بينه وبين هذه الأمور.

روى ابن الأثير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملونه غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبينه، ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته؛ قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي بأعلى مكة: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب! فقال: أفعل، فخرجت، حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفا، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: عرس فلان بفلانة، فجلست أسمع، فضرب الله على أذني، فنمت، فما أيقظني إلا حرّ الشمس، فعدت إلى صاحبي، فسألني، فأخبرته، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت مكة فأصابني مثل أول ليلة ... ثم ما هممت بعده بسوء ... » (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015