قال ابن إسحاق: وكان في الجيش رجل منافق، فقالوا: ويحك هل بعد هذا من شيء؟ فقال: سحابة مارة!.
وفي الطريق مرّ المسلمون بالديار التي كانت ثمود تسكنها، وهي أطلال هامدة، واثار بقيت تذكّر بغضب الله على من كذّبوا رسله، وتعجّلوا عقابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم» (?) .
والظاهر أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم يريد ألا يغافل المسلمون عن مواطن العظة، وألا يستهينوا بما خلا قبلهم من مثلات، فإنّ المرء لو قيّض له أن يزور السجون، ويشهد مثلا غرفة الإعدام؛ فليس يليق أن ينظر إلى حبل المشنقة وهو شارد أو ضاحك، لا أقلّ من بعض الأسى لأحوال المجرمين ومصارعهم!.
وروى أحمد عن جابر: لما مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر، قال: «لا تسألوا الايات خوارق العادات- فقد سألها قوم صالح، فبعث الله لهم ناقة، فكانت ترد من هذا الفجّ، وتصدر من هذا الفجّ، فعتوا عن أمر ربّهم فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما، فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من تحت أديم السّماء منهم» (?) .