وهزموا شر هزيمة (?) .
واضطر (مالك بن عوف) ومن معه من رجالات قومه أن يمضوا في الفرار حتى يصلوا إلى (الطائف) فيمتنعوا بحصنها، تاركين في هذا الفرار مغانم هائلة.
فإنّ مالكا- كما علمت- خرج يغزو، ومعه نساء القبيلة وما تملك.
فخلّف في الميدان أربعة وعشرين ألفا من الإبل، وأكثر من أربعين ألفا من الغنم، وأربعة الاف أوقية من الفضة، هذا إلى جانب ستة الاف من السبي.
وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم على الناس هذه الغنائم، وتأنّى، يبتغي أن يرجع القوم إليه تائبين، فيحرزوا ما فقدوا.
ومكث ينتظرهم بضع عشرة ليلة فلم يجئه أحد (?) .
فشرع يسكت المتطلّعين من رؤساء القبائل وأشراف مكة، وبدأ بقسمة المال، فكان المؤلفة قلوبهم أول من أعطي، بل أول من حظي بالأنصبة الجزلة.
أخذ (أبو سفيان) مئة من الإبل، وأربعين أوقية من الفضة، فقال: وابني معاوية؟ فمنح مثلها لابنه معاوية، فقال: وابني يزيد؟ فمنح مثلها لابنه يزيد (?) .
وأقبل رؤساء القبائل وأولو النّهمة يتسابقون إلى أخذ ما يمكن أخذه.
وشاع في الناس أنّ محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
فازدحموا عليه يبغون المزيد من المال، وأكبّ عليه الأعراب، يقولون: يا رسول الله! اقسم علينا فيئنا، حتى اضطروه إلى شجرة فانتزعت رداءه! فقال:
«أيّها الناس، ردّوا عليّ ردائي، فو الّذي نفسي بيده لو كان لكم عندي عدد شجر تهامة نعما لقسّمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا» .