على حين كان الجيش الزاحف يتقدّم ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته تتوج هامته عمامة دسماء، ورأسه خفيض من شدة التخشّع لله، لقد انحنى على رحله، وبدا عليه التواضع الجمّ، حتى كاد عثنونه (?) يمسّ واسطة الرحل (?) .

إنّ الموكب الفخم المهيب الذي ينساب به حثيثا إلى جوف الحرم، والفيلق الدارع الذي يحفّ به ينتظر إشارة منه، فلا يبقى بمكة شيء امن، إنّ هذا الفتح المبين ليذكّره بماض طويل الفصول كيف خرج مطاردا؟ وكيف يعود اليوم منصورا مؤيدا..! وأيّ كرامة عظمى حفّه الله بها في هذا الصباح الميمون! وكلّما استشعر هذه النعماء ازداد لله على راحلته خشوعا وانحناء ويبدو أنّ هناك عواطف أخرى كانت تجيش في بعض الصدور.

فإنّ (سعد بن عبادة) زعيم الخزرج ذكر ما فعل أهل مكة، وما فرّطوا في جنب الله، ثم شعر بزمام القوة في يده فصاح: اليوم يوم الملحمة.. اليوم تستحلّ الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشا.

وبلغت هذه الكلمة مسامع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «بل اليوم يوم تعظّم فيه الكعبة (?) . اليوم يوم أعزّ الله فيه قريشا» ، وأمر أن ينزع اللواء من سعد، ويدفع إلى ابنه مخافة أن تكون لسعد صولة في الناس.

[دخول جيش المسلمين مكة] :

وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة من أعلاها (?) . وأمر قادة جيشه ألا يقاتلوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015