علماء النفس والتربية اجتمع ليسوق للعالم مثل هذا الأدب لعجز، والأخلاق شعبة واحدة من رسالة محمد عليه الصلاة والسلام الضخمة، إلا أنّ الاشتغال بالسنّة مع هذا- يجب أن يحظر على من لم يستجمع الشروط التي تجعل مثل هذا الاشتغال مفيدا للإسلام والمسلمين.
1- فلا يجوز أن يشتغل بالسنّة من لم يدرس علوم القران، ويضرب فيها بسهم وافر، فإن القران هو الدستور الأصيل للإسلام، وهو الذي يحدّد للمسلم بدقة تامة واجباته وحقوقه، ويرتّب التكاليف المنوطة به، ويوزّع العبادات على حياته، فلا تطغى عبادة على أخرى، ولا تطغى كلها على عمله للحياة ومكانه فيها، والمرء الذي يعجز عن تحصيل هذه الحقائق من القران لن يعوضه عن فقدانها شيء اخر، والصورة التي تستقر في نفسه للإسلام- من غير القران- تضطرب فيها النّسب والألوان، وربما لحقها اختلاف كبير.
ولذلك حرص أئمة الصّحابة على أن يخلوا الطريق للقران الكريم ليحتلّ مكانته الأولى في القلوب، وحرصوا على ألّا يزاحمه في موضع الصّدارة شيء.
روى ابن عبد البر في كتابه (جامع العلم وفضله) بأسانيده التي ذكرها، قال: عن جابر بن (?) عبد الله بن يسار قال: سمعت عليّا يقول: أعزم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإنما هلك الناس حيث اتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم.
وعن الزهري عن عروة (?) : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنن، فاستفتى أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، فأشاروا عليه بأن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم أصبح يوما، وقد عزم الله له، فقال: «إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني- والله- لا أشوب- وفي رواية: لا أنسي- كتاب الله بشيء أبدا» .