سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا، فظنّوا أنّ القوم خالفوهم إليهم، فرجعوا على أعقابهم، وأقاموا في أهليهم وأموالهم، وخلّوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر!!.
وهكذا نجحت الخطة في عزل يهود خيبر عن حلفائهم المشركين.
فلمّا أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القرية المحصّنة، وتهيأ لمنازلة أهلها، قال لأصحابه: «قفوا» ، ثمّ تضرّع إلى الله بهذا الدعاء:
«اللهمّ ربّ السموات وما أظللن، وربّ الأرضين وما أقللن، وربّ الشّياطين وما أضللن، وربّ الرّياح وما أذرين. فإنّا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرّها وشرّ أهلها وشرّ ما فيها» » .
ثم قال: «أقدموا باسم الله» (?) .
ويظهر أنّ اليهود ظنّوا- أول وهلة- أنّ زحف المسلمين صوب غطفان، فلم يعيروا الأمر التفاتا، بل أصبحوا غادين إلى حقولهم بمساحيهم ومكاتلهم، حتى فوجئوا بالمسلمين يسيرون نحوهم، فارتدوا إلى حصونهم فزعين، وهم يقولون: محمد والخميس!.
إنّ اليهود- على ما ألف المسلمون من حروبهم- لا يعتمدون على تسيير الجيوش في الفضاء الرحب، تصيب ويصاب منها.. إنّهم يكرهون اللقاء في تلك الميادين المكشوفة، وديدنهم الذي لا ينفكّون عنه هو الكفاح من وراء الجدران.