عن عبادة بن الصامت، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا، فالتقى الناس، فهزم الله العدوّ، فانطلقت طائفة في اثارهم يطاردون ويقتلون، وأكبت طائفة على المغنم، يحوزونه، ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرّة، حتى إذا كان الليل، وفاء النّاس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها، وليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدوّ: لستم أحقّ بها منّا، نحن نحينا منها العدو وهزمناه، وقال الذين أحدقوا برسول الله: خفنا أن يصيب العدو منه غرة، فاشتغلنا به، فأنزل الله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (?) [الأنفال] .

فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين «1» .

هذا التنازع المؤسف إثر البأساء الشاملة التي لحقت بالمهاجرين والأنصار على السواء، وقد نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مظاهر البؤس على أصحابه وهم خارجون إلى بدر؛ فرثى لحالهم، وتألّم لما بهم، وسأل الله أن يكشف كرباتهم.

فعن عبد الله بن عمرو «2» ، قال: خرج رسول الله يوم (بدر) في ثلاثمئة وخمسة عشر رجلا من أصحابه، فلما انتهى إليها، قال: «اللهم إنّهم جياع فأشبعهم، اللهم إنّهم حفاة فاحملهم، اللهم إنّهم عراة فاكسهم» . ففتح الله له يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا، وما منهم رجل إلا قد رجع بحمل أو حملين، واكتسوا وشبعوا.

إنّ الجوع والعري عند ما يطول أمدهما يتركان في النفوس ندوبا سيئة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015