التوحيد، وربما حاورهم اليهود في شؤون الأديان، ونعوا عليهم عبادة الأوثان، فإذا اشتدّ الجدل وطالت اللّجاجة، قال لهم اليهود: يوشك أن يبعث الله نبيا فنتبعه؛ ونقتلكم معه قتل عاد وإرم ... !!.
والغريب أنّ اليهود كانوا أول من كفر بهذا النبي يوم ظهر فيهم واقترب منهم، ولذلك ندّد القران بمسلكهم المتناقض:
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [البقرة: 89] .
أما العرب الأميون الذي هدّدوا بمبعثه، فقد فتحوا مسامعهم له!.
فعند ما وافى الموسم، وقدمت قبائل (يثرب) ، ورأوا الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله، فقال بعضهم لبعض: تعلمون- والله يا قوم- أن هذا الذي توعدكم به يهود، فلا يسبقنّكم إليه..
وأخذ ذكر الإسلام يشيع في المدينة رويدا رويدا؛ فإن لم يستقبل بترحيب لم يستقبل بالسباب والحراب.
إنّ عناصر النفور والمقاومة التي عهدها في مكة تحوّلت- هنا- إلى عناصر احترام وإقبال، ولم تمض ثلاثة أعوام على تسامع الأنصار الجدد بالإسلام حتى أصبحوا كهفه الحصين، وموئله القريب.