وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (32) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (33) [المطففين] .

وانقلبت هذه الحرب إلى تنكيل وسفك دم بالنسبة إلى المستضعفين من المؤمنين، فمن ليست له عصبية تدفع عنه لا يعصمه من الهوان والقتل شيء، بل يحبس على الالام حتى يكفر أو يموت أو يسقط إعياء.

عمار بن ياسر رضي الله عنه:

من هؤلاء عمار بن ياسر، وهو من السابقين الأولين في الإسلام، وكان مولى لبني مخزوم، أسلم وأبوه وأمه، فكان المشركون يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء، فيعذبونهم بحرّها، ومرّ بهم النبيّ عليه الصلاة والسلام وهم يعذّبون فقال: «صبرا ال ياسر، فإن موعدكم الجنة» «1» ، فمات ياسر في العذاب، وأغلظت امرأته (سميّة) القول لأبي جهل فطعنها في قبلها بحربة في يديه، فماتت؛ وهي أول شهيدة في الإسلام، وشدّدوا العذاب على عمار بالحرّ تارة، وبوضع الصخر على صدره أخرى، وبالتغريق أخرى، وقالوا: لا نتركك حتى تسبّ محمدا، أو تقول في اللات والعزّى خيرا، ففعل، فتركوه، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم يبكي فقال: «ما وراءك؟» قال: شرّ يا رسول الله! كان الأمر كذا وكذا!! قال:

«فكيف تجد قلبك؟» قال: أجده مطمئنا بالإيمان. فقال: «يا عمار إن عادوا فعد» . فأنزل الله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ [النحل:

106] «2» ، وقد حضر المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015