ومن الواضح أنه يستثنى من عموم ما ذكرناه، ما إذا خرج الذاكر عن طوره بأن سيطرت عليه حال لم يملك معها شعوره وزمام نفسه، إذ لا يتعلق به حكم تكليفي في ذلك الطور، وعليه يحمل ما قد قيل من أن العز بن عبد السلام نفسه قد هاج مرة فقام يقفز، إذ كيف يفعل ذلك باختيار وقصد وهو صاحب النص الذي نقلناه عن كتابه؟ (?) .

3- (المنافقون: طبيعتهم ومدى خطورتهم على الإسلام) ، نال أمر هذه الغزوة من حديث كتاب الله عنها وتعليقه عليها ما لم تنله أي غزوة أخرى، وإنك لتقرأ عنها في سورة التوبة آيات بل صفحات كثيرة. وتركز معظم هذه الآيات على بيان أهمية الجهاد بالنفس والمال في سبيل الله وأنه الدليل الوحيد على صدق إسلام المسلم، وأنه أهم فارق بين المؤمنين والمنافقين، وأن على المسلمين- إذا كانوا مسلمين- أن لا يركنوا إلى الدعة والراحة وأن يستهينوا بما قد يتعرضون له من عذاب وشدة في سبيل الله تعالى. كما أطالت في الحديث عن المنافقين وفضح نواياهم والخفيّ من مقاصدهم.

والدرس الذي في ذلك هو بيان خطورة أمر النفاق والمنافقين على المسلمين في كل عصر، وإيضاح أن الإسلام دعوى لابدّ أن يصدقها الجهاد والتعرض للمحن، حتى يتميز الصادق عن الكاذب، ويمحّص إيمان المؤمنين عن دجل المنافقين. ولقد كانت تبوك أعظم مادة لهذا الدرس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015