(ب) من خلال لقائه (ص) مع القيادات. وجد تيارين أحدهما يرى الرفق به والآخر يرى قتله فاختار الرفق به. لأن أصحاب هذا الرأي من الأنصار. وهم أوثق الناس عنده. هذا من جهة. ومن جهة ثانية. فكما أعلن عليه الصلاة والسلام أن سمعة المسلمين لن يضحي بها فتكون هدفا لمخابرات العدو، وثغرة تنفذ منها إلى الصف الداخلي الملتحم.

((فكيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه؟)).

(ج) ولكن هل تمر هذه الوقاحة والفتنة دون عقوبة؟ لا. وإذا كان رسول الله (ص) قد اختار الرفق. فقد يتمادى الحاقدون والموتورون. وتأتي هنا عظمة المعالجة النبوية التى جعلت من حمل راية العقوبة لهذا المجرم ابنه العظيم عبد الله بن عبد الله. فلقد أشعره بالذل والصغار. وأبقاه رهينة حتى أذن رسول الله (ص) له بالدخول، ومن يجرؤ أن يثور لابن أبي من أحبابه وأصاره وحزبه إذا كان ابنه هو الذي ينفذ هذه العقوبة؟ وهو الذي يعلن على ملأ الدنيا كلها، وخاصة حزب أبيه أنه ينتظر إشارة رسول الله (ص) للإتيان برأس أبيه. لقد خنقت الفتنة في المهد.

(د) وبدل أن يحول عبد الله بن أبي إلى بطل شهيد. وترعد أنوف لقتله. تحول إلى تجمع للسخرية والمهانة والمذلة.

(وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه فقال رسول الله (ص) لعمر بن الخطاب: ((كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته))) فقال عمر: قد والله علمت لأمر رسول الله أعظم بركة من أمري) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015