بعضها يفضي إلى الشر، ويجلب الحوادث الموتمة إلا أنها كانت في نفسها أخلاقا ثمينة، تدر المنافع العامة للمجتمع البشري بعد شيء من الإصلاح، وهذا الذي فعله الإسلام) (?).
يقول ابن تيمية رحمه الله: (وسبب هذا الفضل إما بالعلم النافع، وإما بالعمل الصالح ..
وأما العمل فإن مبناه على الأخلاق، وهي الغرائز المخلوقة في النفس، وغرائزهم (أي العرب) أطوع للخير من غيرهم. فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء، وغير ذلك من الأخلاق المحمودة، لكن كانوا قبل الإسلام طبيعة قابلة للخير، معطلة عن فعله، ليس عندهم علم منزل من السماء، ولا شريعة موروثة من نبي، ولا هم أيضا مشتغلون ببعض العلوم العقلية المحضة .. فلما بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى .. وتلقوه عنه بعد مجاهدته الشديدة لهم، ومعالجتهم على نقلهم من تلك العادات الجاهلية، والظلمات الكفرية، التي كانت قد أحالت قلوبهم عن فطرتها .. فأخذوا هذا الهدي العظيم بتلك الفطرة الجيدة، فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم، والكمال الذي أنزله الله إليهم: بمنزلة أرض جيدة في نفسها، لكن هي معطلة عن الحرث، أو قد نبت فيها شجر العضاه والعوسج، وصارت مأوى الخنازير والسباع، فإذا طهرت من المؤذي من الشجر والدواب، وازدرع فيها أفضل الحبوب والثمار جاء فيها من الحرث ما لا يوصف مثله. فصار السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل خلق الله بعد الأنبياء، وصار أفضل الناس بعدهم من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة من العرب والعجم) (?).