إن المحنة هي التي تمحص القلوب، بكشف ما في الصدور من إيمان أو كفر. وبد يتزلزل المؤمن لكنه لا يفقد إيمانه. قد يفقد موقفه.
وقد يفقد شجاعته وثباته، لكن إيمانه لا يتزلزل أبدا. أما ضعيف الإيمان فينهار إيمانه أمام الحادثات. وأما الكافر المتجلبب بجلباب الإسلام حين يكشف الغطاء، ويرى أن دولة الإيمان على وشك الزوال - كما يبدو له - فيكشف خبيئة نفسه، ويظهر نتن قلبه، ويعلن شكه بدينه ونبيه وربه. وهؤلاء لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم في الدنيا والآخرة.
انتصر المسلمون بعد الخندق، وأنهوا وجود بني قريظة. وبذلك انتهى حلفاء المنافقين في المدينة فلم يعد أمامهم إلا أن يسارعوا بالولاء للقيادة المسلمة. وأن يوجهوا جهدهم لخلخلة الصف المسلم نفسه، والعمل على تشتيته وإشغاله بنفسه. عوضا عن أن ينشغل بعدوه. وتظاهروا بالانصهار في هذا الصف. وإن كان بعضهم قد دخل فيه عن قناعة بعد أن بهره نصر الله ورأى من الآيات البينات ما يحرق كل شك أو دخل في قلبه. وكان ابن أبي كالحية الرقطاء يكمن بين الحجارة وخلف الأستار ينتظر الفرصة المواتية للانقضاض، وكان هذا يوم بني المصطلق:
(عن زيد بن أرقم قال: كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولو رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي أو لعمر. فذكره للنبي (ص). فدعاني فحدثته. فأرسل رسول الله (ص) إلى