أسرته، فتأخذه هزة الكرم، فيقوم إليها ويذبحها لضيفه، ومن آثار كرمهم أنهم كانوا يتحملون الديات الهائلة والحمالات المدهشة، يكفون بذلك سفك الدماء، وضياع الإنسان، ويمتدحون بها مفتخرين على غيرهم من الرؤساء والسادات.

وكانت من نتائج كرمهم أنهم كانوا يمتدحون بشرب الخمور، لا لأنها مفخرة في ذاتها، بل لأنها سبيل من سبل الكرم .. وإذا نظرت إلى دواوين شعراء الجاهلية تجد ذلك بابا من أبواب المديح والفخر، يقول عنترة بن شداد العبسي في معلقته:

ولقد شربت من المدامة ... بعدما ركد الهواجر بالمشوف المعلم

فإذا شربت فإنني مستهلك ... مالي، وعرضي وافر لم يكلم

وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي تكرمي (?)

ومن نتائج كرمهم اشتغالهم بالميسر، فإنهم كانوا يرون أنه سبيل من سبل الكرم لأنهم كانوا يطعمون المسكين ما ربحوه، أو ما كان يفضل عن سهام الرابحين. ولذلك ترى القرآن الكريم لا ينكر نفع الخمر والميسر وإنما يقول {وإثمهما أكبر من نفعهما} (?).

(2) ومن تلك الأخلاق الوفاء بالعهد، فقد كان العهد عندهم دينا يتمسكون به، ويستهينون في سبيله بقتل أولادهم، وتخريب ديارهم، وتكفي في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015