ليخشى أن ينزل الله فيه قرآنا، وعندما نزلت آية الفتح اختار رسول الله (ص) عمر بالذات ليسمعه إياها ردا على تصوره: (فلم نعط الدنية في ديننا) {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا} (?).
وحق لرسول الله (ص) أن تكون هذه الآية، أحب إليه مما طلعت عليه الشمس، وأحب عليه من الدنيا جميعا، فالله تعالى قد فتح له الفتح المبين، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأتم نعمته عليه ونصره نصرا عزيزا، فأي نعم في هذا الوجود تفوق هذه النعم؟ وقد نزلت والمسلمون يخالطهم الحزن والكآبة لما نزل بهم من هم الحديبية، وحق لهم أن يفرحوا بعد حزن، وقد سروا لسرور رسول الله (ص) إن كان النصر والفتح والمغفرة لرسول الله فماذا لهم؟ ويأتيهم الجواب: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما} (?). وكان هذا الفتح المبين، هو فتح القلوب لهذا الدين والتوطئة لفتح مكة: يقول الزهري: فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة، ووضعت الحرب أوزارها، وأمن الناس كلم بعضهم بعضا، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد في الإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه، ولقد دخل