الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدا فهو لك، واسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنفتله، فإنما هو رجل برجل. فقال: والله لبئس ما تسومونني! أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا والله لا يكون أبدا. قال: فقال المطعم بن عدي: والله يا أبا طالب، لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا، فقال أبو طالب للمطعم: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت خذلاني، ومظاهرة القوم علي، فاصنع ما بدا لك - أو كما قال - فحقب الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضا) (?).
إن اجتماع قريش كلها على مبادلة عمارة بن الوليد بمحمد بن عبد الله في محاولة يائسة، لتتمكن من قتل محمد والتخلص منه، هو من أغرب ما روى تاريخ السيرة، واعتبر المطعم بن عدي أن القوم أنصفوا أبا طالب في هذا العرض، بينما وقف أبو طالب كالطود في وجه هذا العرض. أو أن يبادل محمدا بأحد في هذه الأرض. وانتهى من ذهن أبي طالب أن يناقش ابن أخيه محمدا بكلمة واحدة إنه على قول ما أحب، ولو كان عيب الآلهة، وسب الدين، وتضليل الآباء، إنها إجارة مفتوحة لا تقبل ذرة من التعديل أو التغيير.
ولاحظ أبو طالب أن قريشا كلها وقفت ضده بما في ذلك فرعا