في خلق السموات والأرض. ووجد بغيته في غار حراء، ولم يحافظ على شيء من تلك الطقوس إلا على حبه للكعبة وطوافه بها كلما أمضى ليالي وعاد إليها يدفعه الحنين، ويحدوه التقديس العظيم لها حتى قبل أن يلقى أهله، ويدخل بيته.
وكانت هذه المقدمات تهيئة له عليه الصلاة والسلام ليتلقى الوحي، بحيث يتجه بكل كيانه ووجدانه إلى ربه عز وجل، بعيدا عن مشاغل الدنيا، وفتن العصر، موصول القلب بالله فاطر السموات والأرض محررا من كل قيود الدنيا وأوهاقها وتبعياتها، صافي الذهن والسريرة لتلقي الوحي الرباني من العلي الأعلى، وكانت زوجه رضي الله عنها تهيىء له هذا الجو المتفرد، وتكفيه زاده وطعامه، وتحثه على التحنث بالغار.
وفي شهر رمضان الذي اختاره عليه الصلاة والسلام ليكون موعد تعبده، وفي حراء، حيث تبدو مكة والكعبة للناظر إليها دون عائق.
نحن بحاجة لتصحيح كثير من مفاهيمنا، ولإعادة النظر فيها في جو شبيه بجو حراء، فيما شرعه الله لنا من اعتكاف، نراجع القناعات، ما كان به لوثة من زحام الأرض، وفلسفات أهلها، فنطرحه بعيدا عنا، وننقي الشوائب التي علقت بالقلوب والوجدان، فكرية أو عاطفية، ونصحح واقعنا كله على ضوء الكتاب والسنة .. إنها وقفات على الطريق، ولفتات إلى الوراء، نراجع الرصيد، ونفتش السلوك، ونمحص الرأي، ونهذب القلب، وننفي الضمير، لنتابع المسير بعد
ذلك على الطريق، على بينة وهدى.
2 - وما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطمح إلى الوحي، ولا يعرف شيئا عنه، ولم يكن