عباد أمير إشبيلية التى نمت نموًا سريعًا، وبخاصَّة بعد أن حالفه العامريون أمراء قسطلون ومربيطر وشاطبة المرية ودانية، فحاول التحالف مع صهره زوج ابنته عبد الملك المظفر حاكم بلنسية الذى رفض ذلك مُحتَجًّا بأن وقوف العامريين إلى جانب إشبيلية يجعل إقدامه على هذا التحالف خطرًا على بلنسية، فما كان من المأمون إلا أن عقد حلفًا مع فرديناند الأول صاحب قشتالة.

وهجمت القوات المشتركة المتحالفة «قوات المأمون وفرديناند الأول» على بلنسية، فسقطت ولاية بلنسية كلُّها فى يد المأمون فى تشرين الأول سنة 1065م, عاد بعدها إلى طُلَيْطِلَة ليجهز قواته لقتال ابن عباد، وحال بينه وبين ما أراد وفاة فرديناند الأول، ونشوب حرب ضروس بين أولاده، فنقض المأمون عهده مع قشتالة، وامتنع عن دفع الجزية، مما أدى إلى حرمانه من معونة النصارى، وهى المعونة التى لم يستطع أن يحارب أمير إشبيلية بدونها، فلما تمَّ أمر الحكم لسانشو ابن فرديناند سنة 1070م, هرب أخوه ألفونسو إلى المأمون صاحب طُلَيْطِلَة والتجأ أخوه الثَّانِى جارسية إلى المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية، وفى سنة 461هـ/ 1069م توفى المعتضد بن عباد أمير إشبيلية، فخلفه ابنه المُلقَّب بالمعتمد على الله، ولم يكن أمام الأمير الجديد ما يخشاه إلا أمير طُلَيْطِلَة الذى ملك بلنسية فى الوقت نفسه، أما بقيَّة ملوك الطوائف فقد انكسرت شوكتهم وتزعزع كيانهم فى حروبهم الدَّاخليَّة من غزوات النصارى المتتابعة عليهم.

واستطاع المأمون حاكم طُلَيْطِلَة أن يتوسَّعَ ويحقق انتصارات واسعة سنة 1073م على مرسية وأريولة وعدة مدن أخرى، وبهذا أصبح الأمير الأقوى الذى يسيطر على أواسط إسبانيا كلِّها، وبخاصة بعد أن فاز ألفونسو بحكم قشتالة بعد وفاة «شانجة» وتحالف مع المأمون الذى رعاه وحماه عند محنته وتعاهد الأميران على أن يرتبطا معًا برباط الصداقة الوثيق.

وأصبح أمير إشبيلية فى خوفٍ من توسُّع أمير طُلَيْطِلَة الذى فاجأ المعتمد بتحالفه مع بنى هود أصحاب سرقسطة وبنى الأفطس أصحاب بطليوس، وهاجم خصمه من ثلاث جهات لكى يُحكِمَ تسديد الضربة إلى قُرْطُبَة؛ فسقطت دون مقاومة تُذكَر سنة 468هـ, ولكن المأمون تُوفى بعد دخولها بأيام قلائل؛ فرجع جنده عنها إلى طُلَيْطِلَة، واسترد ابن عباد قُرْطُبَة، وبقيت إشبيلية تحت حكم ابن عباد حتى استولى عليها المرابطون سنة 474م.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015