المبحث الثاني
الأمير يحيى بن إبراهيم (الزعيم السياسي)
كان الأمير يحيى بن إبراهيم سيدًا مطاعًا فى قَومه لِما عُرفَ عنه مِن شجاعة وكرم وجود ومقدرة قيادية عالية, واشتهر برجاحة عقلة ونفاذ بصيرته وسداد رأيه وحرصه على هداية قَومه.
خرج هذا الأمير الجليل من ديار المُلَثَّمين قاصدًا بيت الله الحرام, لأداء فريضة الحج تاركًا الحكم لابنه إبراهيم عام 427هـ - 1035م (?).
وكانت العادة أن يقترنَ الحج بطلب العلم، وبعد أداء الفريضة، انطلق الأمير يحيى يبحث عن المعرفة فى مدارس المغرب الفقهية طالبًا للعلم لإرواء روحه الظمأى إلى نور المعرفة الإسلامية التى اندرست معالمها فى بلاده, ورمتْ به أقدارُ الله فى حَلَقَةِ إمام المغرب فى زمانه فى مدينة القيروان «الإمام أبو عمران الفاسي» الذى تعلَّقت نفسُ الأمير يحيى بتعاليمه وفقهه, وعرض نفسه على الإمام أبى عمران الفاسى الذى ورث زعامة المدرسة المالكية التى انتصرت على الهيمنة الإسماعيلية العبيدية الباطنية الرافضية، واستردَّت حريتها كاملة بعد جهادهم المرير الذى أصبح مَعْلَمًا من معالم أهل السنة فى الشَّمَال الإفريقي.
وأُعجِبَ الشيخ أبو عمران بالأمير يحيى لما لمسه فيه من حبه للخير وحرصه على التعلم، وتحدث إليه الأمير عن سوء الأحوال الاجتماعية فى بلاده، وجهل قبائلها بأصول الدين وفروع الشريعة، وطلب من أبى عمران أن يبعث معه أحد طلبته ليعلم قَومه أصول الفقه والشريعة الإسلامية (?).
وتذكر بعض كتب التَّارِيخ, أن أبا عمران الفاسى هو الذى وضع الخطوط الأولى مع الزَّعِيم يحيى بن إبراهيم لقيام دولة صحراوية سنية فى المغرب على أسس دينية صحيحة, كى تستطيع القضاء على الفوضى السياسية والدينية التى كان المغرب يتخبط فيها منذ