المبحث التاسع
آثار الابتعاد عن تحكيم شرع الله
على ملوك الطوائف
1 - إن الابتعاد عن تحكيم شرع الله تعالى يجلب للأفراد والأمة تعاسة وضنكًا فى الدنيا، وهلاكًا وعذابًا فى الآخرة، وإن آثار الابتعاد عن شرع الله لتبدو على الحياة فى وجهتها الدِّينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وإن الفتن تظل تتوالى وتترى على الناس حتى تمسَّ جميع شئون حياتهم, قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].
لقد كانت فى مُمَارسة ملوك الطوائف للحكم البعيد عن شرع الله آثار على الأمة، فتجد الإنسان المنغمس فى حياة المادة والجاهلية مُصاباً بالقلق والحيرة والخوف والجبن يحسَب كلَّ صيحة عليه، يخشى مِن النصارى ولا يستطيع أن يقف أمامهم وقفة عزٍّ وشموخ واستعلاء، وإذا تشجع فى معركة من المعارك ضعف قلبه أمام الأعداء من أثر المعاصى على قلبه، وأصبح فى ضنك من العيش: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإن لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه:124].
2 - أمَّا الآثار على الأمة الأَنْدَلُسية فقد أصيبت بالتبلُّد وفقد الإحساس بالذات ومات ضميرها الروحي، فلا أمر بمعروف تأمر به، ولا نهى عن منكر تنهى عنه، وأصابهم ما أصاب بنى إسرائيل عندما تركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ - كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78، 79].
فإن أيَّ أمَّة لا تعظِّم شرع الله أمرًا ونهيًا فإنها تسقط كما سقط بنو إسرائيل، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كلا والله لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر ولتأخذُنَّ على يد الظالم ولتأطرنَّه على الحق أطرًا، ولتقصرنه على الحق قصرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم