تاسعًا: معاملة الظاهرة الدينية على أنها معضلةٌ أمنية:
للحقّ فإنَّ جزءًا مهمًّا من إشكاليات العملِ الإِسلاميِّ قد يرجع إلى المعضلة الأمنية؛ فلقد بات الإِسلاميون هدفًا ثابتًا، وغرضًا دائمًا للملاحقات، والمتابعات الأمنية، وربما صح القول بأن الأجهزة الأمنية رفعت شعارًا في مواجهة العمل الإِسلامي هو: لا للتنظيم في العمل الإِسلامي، فكلُّ عملٍ تنظيميٍّ ذي طبيعة دعوية فكرية، أو تربوية، يهدف إلى التغيير العام انتهاءً لا مجال له، إلا تحت سمع وبصر الدولة، ومن خلال تشريعاتها وتقنيناتها، وكلُّ عملٍ سياسيٍّ منظمٍ ينبغي له أن يمرَّ من خلال قنواتها المنظِّمةِ لعمل الأحزاب في الدولة، وأن يتم تداولُ السلطةِ من خلال آلياتها، وما من شك أن الهاجس الأمني، والمعالجة الأمنية العنيفة مع التيارات الإِسلامية، قد ترك بصماته الواضحة في فكر وبنية ونظرية هذه الجماعات، والطوائف الإِسلامية كافة، وصار الخروج من دائرة التعامل الأمني مطلبًا وهدفا يسعى إليه الدعاةُ، إلا من استطاع أن يطبِّع علاقاته مع الطغيان بشكل أو بآخر، أو من اعتقد أنه ليس ثمةَ طغيانٌ أصلًا، وأن المشكلة تكمن فقط في فكر الخوارج، والقاعدة ... وغير ذلك!!