وأخيرًا -وبعد اندلاع الثورة- فإن رياح التغيير، وإعادة ضخ الدماء قد هَبَّتْ على هذه التوجهات الجهادية من جديد، بما يُرْجَى معه ضبطُ المسيرةِ، وتحقيقُ التوازن، ونصرةُ قضية الشريعة، وفي مرحلة ما بعد الثورة المصرية أعلنت هذه المدرسة عن الدخول في معترك السياسة بشكل عملي! حيث حصد حزب "البناء والتنمية" التابع للجماعة الإِسلامية خمسة عشر مقعدًا في البرلمان، وذلك بعد أن صنفت الجماعة الإسلامية قبلًا من الكتب والمقالات ما يمنع من الممارسة السياسية والحزبية!

وعلى التزامن مع حركات التغيير السياسي والعسكري، ظهرت المدارس والدعوات السلفية العلمية، التي عُنِيَتْ بالتغيير العلمي والفكري عبر إحياء الاهتمام بالعلوم الشرعية، ونَقْلِها إلى الشباب، وبمرور الزمن أصبح شبابُ الأمسِ (مرحلة السبعينيات) شيوخَ اليوم، إلا أن حركات البعث والتجديد ينبغي أن تتضمن جوانبَ أخرى مهمةً بجوار الجانبين: العلمي والدعوي.

وطَرْحُ المدارسِ والدعواتِ السلفيةِ نَفْسَها على أنها البديلُ الكامل لطوائف العاملين على الساحة، جَرَّها إلى معاركَ وخصوماتٍ، كان يمكن الاستعلاءُ عليها، وإن كانت تلك المواجهات الفقهية تارةً، والفكرية تارةً أنضجَتِ الحسَّ الجماعيَّ لدى هذه المدارس، والتوجهات العلمية، فاتخذت مواقفَ متطورةً من فكرة العمل الجماعي، جعلتها في النهاية تُقِرُّهُ وتَقْبَلُهُ، وتقول بمشروعيته؛ بل بأكثرَ من ذلك أحيانًا!

ولقد بَقِيَتْ أدبيات وكتابات كثيرة من أصحاب الأقلام في هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015