عالميةُ الخطاب السلفيِّ مستمدةٌ -في الأصل- من عالمية هذا الدين -عقيدةً وشريعة- ومن عالمية كتابه، ومن عالمية بعثةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى العالمين، ومن عالمية حاجة البشرية إليه.
فكان حقًّا على كل داعٍ أن يتأسَّى بالداعية الأول - صلى الله عليه وسلم -، حيث خرج بدعوته إلى خارج حدود الجزيرة، وكَاتَبَ الملوكَ والقياصرةَ والأكاسرةَ يَدْعُوهم بدعاية الإسلام، مصداقًا لقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1].
ولقد تجددت العالمية في دعوة الصحابة - رضي الله عنهم - من بعد نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، حيث قام خطيبهم ربعيُّ بن عامر - رضي الله عنه -؛ ليعلن هذا المبدأ في الدعوة، فقال: "ابْتَعَثنا اللهُ لِنُخْرِجَ الناسَ مِنْ عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ الله، ومِنْ ضِيْقِ الدنيا إلى سعةِ الدنيا والآخِرَةِ، ومِنْ جَوْرِ الأديانِ إلى عدلِ الإسلامِ" (?).
ومما يؤكد معنى العالمية -شرعًا-: إقامةُ آصِرَةِ الاجتماع على أصل التوحيد دون غيره من الأواصر، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ