بين التنظير والتطبيق مسافةٌ تحتاج حتى تُقْطَعَ إلى جهد جهيد، وعمل أكيد، ولربما بَقِيَ فارقٌ بين الواقع والمثال.
واستغناءُ الدعوة بالتنظير عن التطبيق، يجعلها تعمل في إطار الصفوة والنخبة فحسب، ومثل هذا لا يحقق مقصودَ الدعوة من تعبيد الناس جميعًا لله تعالى.
وبالشرع الإلهي توجيهٌ للكمال، وبالفطرة الإنسانية نزعةٌ إلى المثال، وبالنفس البشرية غرائزُ وشهواتٌ تجعل الناس على أقسام؛ فمنهم: الظالمُ لنفسه، ومنهم: السابقُ بالخيرات، وقد فتح الإِسلام بابَ النجاة لكلٍّ، فاعترف بضعف البشرية، كما حَفَزَ الهممَ للمنافسة في الرُّتَبِ العليَّةِ!
فمن الواقعية في الخطاب السلفي: إدراكُ السننِ الربانيةِ في التغيير، والتعامل بها في الإصلاح؛ فإن الدعوة تنتصرُ بالسنن الجاريةِ لا الخارقةِ، وإن الابتلاءَ سنةٌ جاريةٌ في المؤمنين، وإن العاقبة في الدنيا والآخرةِ للمتقين، وإن زوال الظلم والظالمين بأجلٍ وقدرٍ محتوم.