وتغييرَ الأنظمة، فتتمحور دعوته حول هذا الهدف مباشرة باحثةً عن وسائله ومقدماته، ومتخليةً -في ذات الوقت- عن أهداف أخرى مهمة، ومختزلةً التغييرَ في محو نظام بعينه، وتمر السنون فلا الهدف تحقَّقَ ولا الواقعُ تغير! بل ويلحق بعضَ الدعاة فتورٌ حيث عالج الهدف مرارًا، فكان نصيبه الفشل، فتطرق إليه اليأسُ، وتَرَكَ العملَ! وهذا يُظْهِرُ خللَ الأولويات في أهداف الدعوة؛ حيث وقع إهمالُ تحقيقِ المتيسر، والاشتغالُ بالمتعسر.
ومن الخلل المرصود في فقه الأولويات: الإصرارُ على وسيلةٍ بعينها لمجرد أنها جُرِّبت مِنْ قِبَلِ رعيلٍ أول، أو شيخٍ مبجَّل، وذلك بغض النظر عن فعاليتها في اللحظة الحالية، وربما تحولت -مع هذا الفهم- الوسائلُ الاجتهاديةُ إلى مقاصدَ توقيفية!! لا تقبل تبديلاً ولا تغييرًا.
ومن خللِ ترتيبِ الأولويات في الخطابِ السلفي السياسي المعاصر: تقديم الانتماء الحزبي على الانتماء الشرعي! فالانتماءُ إلى الإِسلامِ والسنةِ هو انتماءُ غايةٍ, والانتماءُ إلى طوائفِ الدعوة المعاصرة والسنة هو انتماءُ وسيلةٍ، وربما تعارضت مصلحة الإسلام الشرعية مع مصلحة الانتماءات السياسية والحزبية،