وقوله: "من روح الله" أي من الأرواح التي خلقها الله، فالإضافة هنا إضافة خلق وإيجاد.

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يقول إذا اشتدَّت الرِّيح: "اللهمَّ لاقحاً لا عقيماً"، لِما رواه البخاري في الأدب المفرد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذا اشتدَّت الرِّيحُ يقول: "اللَّهمَّ لاقحاً لا عَقيماً" 1، ومعنى لاقحاً؛ أي: ملقحة للسحاب، ومنه قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} 2 أي: وسخَّرنا الرِّياح رياح الرحمة تلقح السحاب كما يلقح الذَّكر الأنثى فينشأ عن ذلك الماء بإذن الله، فيسقيه الله العباد والمواشي والزروع، ويبقى في الأرض مدَّخراً لحاجتهم وضروراتهم، فله الحمد والنعمة لا شريك له.

وللمسلم أن يُسبِّح عند سماعه الرَّعد، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: "أنَّهُ كَانَ إِذا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الحَدِيثَ، وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ"3.

وروى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّه كان إذا سمع صوت الرعد قال: "سبحان الذي سبَّحت له"4.

وفي التسبيح في هذا المقام تعظيم للربِّ سبحانه الذي الرَّعدُ أثرٌ من آثار كمال قوَّته وقدرته، وفيه تجاوب مع الرَّعد الذي يسبح بحمد الله، ولكن لا نفقه تسبيحه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015