عَلَيْنَا} 1، وقد بيّن رحمه الله في سياق رده عليهم: أنَّ القبلةَ هي ما يستقبله الإنسان بوجهه، والاستقبال ضد الاستدبار، فالقبلةُ ما يستقبله الإنسان ولا يستدبره، فأما ما يرفع الإنسان إليه يده أو رأسه أو بصره فهذا باتّفاق الناس لا يسمّى قبلةً؛ لأنَّ الإنسان لَم يستقبله كما
لا يستدبر الجهةَ التي تقابلُه، ومن استقبل شيئاً فقد استدبر ما يقابله كما أنَّ من استقبل الكعبة فقد استدبر ما يقابلها، ومعلومٌ أنَّ الداعي لا يكون مستقبلاً للسماء ومستدبراً للأرض، بل يكون مستقبلاً لبعض الجهات إمّا القبلة أو غيرها، مستدبراً لما يقابلُها كالمصلي، فظهر أنَّ جعل ذلك قبلةً باطلٌ في العقل واللغة والشرع بطلاناً ظاهراً لكلِّ أحد2.
والمقصود أنَّ قبلةَ المسلمين في الدعاء هي قبلتهم في الصلاة، أمّا رفعهم لأيديهم عند الدعاء إلى السماء فلأنَّ ربَّهم الذي يدعونه ويسألونه ويرجونه ويطمعون في نيل ثوابه ورحمته ويخافونه في سمائه مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، يسمع دعاءَهم ويُجيب نداءَهم، كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِن تَجْهَرْ بِالقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} 3.