عن الزبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَن أحبَّ أن تسرَّه صحيفتُه فليُكثر فيها من الاستغفار "1.

وروى أبو داود والترمذي وغيرُهما عن بلال بن يسار بن زيد، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " مَن قال: أستغفر الله الذي لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيوم وأتوب إليه، غفر له، وإن كان فرَّ من الزحفِ "2.

وفي هذا الحديث دلالةٌ على أنَّ الاستغفارَ يمحو الذنوبَ سواء كانت كبائر أو صغائرَ، فإنَّ الفرارَ من الزحفِ من الكبائر.

لكن ممَّا ينبغي أن يُعلم هنا أنَّ المرادَ بالاستغفار ما اقترن به ترك الإصرار، فهو حينئذ يُعدُّ توبةً نصوحاً تجُبُّ ما قبلَها، أما إن قال المرءُ بلسانه: أستغفر الله، وهو غير مقلعٍ عن ذنب، فهو داعٍ لله بالمغفرة، كما يقول: اللَّهمَّ اغفر لي، وهذا طلبٌ من الله المغفرةَ ودعاءٌ بها، فيكون حكمُه حكمَ سائر الدعاء لله، ويُرجى له الإجابة.

وقد ذكر أهلُ العلم أنَّ القائلَ: أستغفر الله وأتوب إليه له حالتان:

الأولى: أن يقول ذلك وهو مصِرٌّ بقلبه على الذنب، فهذا كاذبٌ في قوله: وأتوب إليه؛ لأنَّه غير تائب، فإنَّ التوبةَ لا تكون مع الإصرار من العبدِ على الذنب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015