لقد كان حديثُنا السابق عن التوبةِ وبيانِ فضلِها وعِظمِ شأنِها وشدَّةِ احتياجِ العبد إليها، وعن بعضِ الأحكام المتعلِّقةِ بها، وكثيراً ما تأتي التوبةُ في النصوصِ مقرونةً بالاستغفار، كقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} 1، وقول هود لقومه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} 2، وقول صالح لقومه: {هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} 3، وقول شعيب: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} 4.
وفي هذا دلالةٌ على عِظم التلازم بين الاستغفار والتوبة، وشدَّةِ احتياج العبد إليهما للوقاية من شرور الذنوب وغوائلها، والذنوب نوعان:
" ذنبٌ قد مضى، فالاستغفار منه: طلبُ وقايةِ شرِّه، وذنبٌ يُخاف وقوعُه، فالتوبة: العزمُ على أن لا يفعله، والرجوعُ إلى الله يتناول النوعين، رجوعٌ إليه ليقيَه شرَّ ما مضى، ورجوعٌ إليه ليقيَه شرَّ ما