فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} 1، فأمر جلَّ وعلاَ بالإحسان إليهما بجميع وجوه الإحسان القوليِّ والفعليِّ؛ لأنَّهما سببُ وجود العبد، ولهما من المحبة والحقوق والإحسان والقرب ما يقتضي تأكُّدَ الحق ووجوبَ التقديم في البرِّ، وخصَّ بالذِّكر من ذلك الدعاء لهما بالرحمة أحياء وأمواتاً، جزاء على إحسانهما.
والدعاءُ للوالدين بالرحمة خاصٌّ فيما إذا كانا مسلمين، أما المشركُ فلا يُدعى له بالرحمة والمغفرة، قال ابنُ عباس رضي الله عنه في قوله عزَّ وجلَّ: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} : " فنسختها2 الآيةُ التي في براءة: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} 3 " 4.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " استأذنتُ ربِّي أن أستغفرَ لأُمِّي فلَم يأذَنْ لي، واستأذنتُه أن أزورَ قبرَها فأَذِنَ لي "5.